المتوسط izm n-izli amazigh
تجدر الإشارة إلى أن هاته السطور عبارة عن مقتطفات من خواطر شخصية دوتنها و أنا بصدد الإنصات لحنجرة محمد مغني الحزينة...
تجدر الإشارة إلى أن هاته السطور عبارة عن مقتطفات من خواطر شخصية دوتنها و أنا بصدد الإنصات لحنجرة محمد مغني الحزينة...
المختار و مصطفى أوخابا و أخرون ، في إطار جلسات غنائية حميمة تحتفي باللحن الأمازيغي الحزين .
1- محمد مغني... أو ذاكرة اللحن الأمازيغي الحزين
محمد مغني فنان أمازيغي كبير ، حمل آلته الوترية كل حزنه ، و أذرف بصوته الجبلي الراقي مقطوعات هادئة و صافية باح من خلالها بكل آلام الأطلس ...
في صوته تتلمس عمق أحاسيسه ، و تشعر برفقة ا معه بدفئ جروحه ، هو لم يكن يوما ما يغني من أجل الشهرة و المال، فالرجل لم يكن يحركه منطق السوق و الإستهلاك، إذ كان يفظل جلسة حميمية مع رفاقه ممن يشاركونه هموم اللحن الحزين ، على سهرة تلفزيونية تفرض عليه نمطا معينا من الغناء ...
لقد غنى من أجل الجميع و لم يغني لسواد عيون أحد ، غنى بالأمازيغية و ظل و فيا لها طول حياته ،معتبرا إياها جنسيته و هويته الوحيدتين ، لم يقبل أن يغني باللسان الدارج المغربي إيمانا منه بأن همه لن يتحمل عناءه غير لغة تعرف تماما معنى همه ، و ربما أصلاهي همه . لقد غنى بأسمى المعاني و أرق الأحاسيس ، و ظل في عيون كل الغيورين على الفن الأمازيغي الأصيل مفخرة لهم ...محمد مغني هو الفنان الذي قالت عنه شريفة بأنه أسد الأغنية الأمازيغية بلا منازع .
izm n-izli amazigh فعلا إنه أسد الأغنية الأمازيغية بلا منازع ، الذي غناها بعمق و عاشها بكل ألامه ،و كان و فيا للحنها الحزين ذلك لأن ( الأغنية الأمازيغية - حسبه - لا يمكن لها أن تكون مرحة ، لأنها تحمل هما... إنها حزينة). و لا شك في أنه أبكى أمازيغ الأطلس و استطاع أن ينفذ إلى الطبقات العميقة في وجدانهم...
لقد مثل محمد مغني صوت الهامش المغربي و بالضبط صوت الإنسان الأمازيغي ، و استطاع بحنجرته الفريدة أن يستحضر الثقافة الأمازيغية الراقية في كل أغانيه .
لم يكن يغني من أجل الغناء ، لأنه كان مؤمنا بأن دروب اللحن الحزين تحمل رسالة كبيرة مأهولة بالتاريخ و الحس الجغرافي وتراكم دلالي ضخم ، و محمد مغني كانت له المقدرة على جمع كل هاته المكونات و تفتيق عصارتها الغامضة على شكل طلاسم غنائية تبوح بأسرار لا تثويها مذكرات التاريخ الرسمي و لا تحتويها الكتب المدرسية.
لقد جسد محمد مغني صوت الهامش المغيب في الثقاقة الرسمية المغربية ، و ضل طوال حياته ضميرا للغياب و علامة على الذاكرة المنسية و المحجبة من طرف السلطات الرسمية.
و مرد هذا الغياب بدأ منذ السبعينات حينما حفزه وعيه الهوياتي على أداء أغنية تفضح التهميش الرسمي للإنسان الأمازيغي على مستوى جميع الأصعدة ، و ما خلفه هذا التهميش الممنهج من حالة التيه و الإحساس العميق بالغربة التي يشعر بها كل أمازيغي على أرضه ، هذا الموقف سيكلفه الكثير من حياته و سيؤدي ثمنه غاليا ،إذ كانت الضريبة أن مغني غنى عن الهامش الثقافي وتم إبقائه في الهامش ، الهامش الفني بالتحديد.
لقد تم تغيبه عن الساحة التلفزية و الإعلامية بشكل شبه تام ، و بشكل ممنهج ،إلا أن كل هاته المؤامرات لم تستطع أن تبقيه خارج قلوب محبي الفن الأمازيغي الأصيل ، و لم تستطع ايضا أن تمس شيئا من تلك الصورة شبه الأسطورية التي رسمت له في عيون كل الأطلسيين بالخصوص .
اغاني محمد مغني كانت تحتج في صمت ،و تبوح بالحقيقة بدون ضجيج ، حقيقة الهامش ،حقيقة التاريخ ،حقيقة تشعرك بوضوح و بلمسة سحرية خارقة للعادة بأنها شعاع من الماضي و ذاكرة للمستقبل...
3- محمد مغني... أو شجرة الارز الأطلسية الشامخة
ليس هناك من فنان أمازيغي أطلسي أكثر وفاءا لمبادئه من محمد مغني ،لقد آمن بأن الأمازيغية كائن حي أيضا و من المؤسف قتله ، لذلك دافع عنها بشراسة و بكل ما أوتي من فن ، و بالفعل فقد حافظ على أنوثتها الفائقة و طابعها المجازي الشعري المتدفق ، إلى حد أن الحياة في أمازيغية محمد مغني استحالت إلى استعارة .
الأستاذ: علي ألجسن أوعبيشة |
ليس من الغريب أن تكون حالة مغني الحالية بعد أن بلغ به العمر أرذله على هذا النحو ، لأن أسد الأغنية الأمازيغية ظل وفيا لمبادئه ، ثابتا في الموقع الذي ارتضاه كصوت للهامش ...لقد ظل أطلسيا شامخا بالمعنى العميق للكلمة لا ينازعه في شموخه غير شجرة الأرز الصامدة منذ قرون على قمم فزاز ، ثابتة ،شامخة ، و مكافحة مثله من أجل البقاء...إذ لم ينحني يوما ولم يركع لأحد و لم يتوقف يوما عن إبداع طقوس الحياة مع زمرته من الأصدقاء.
ليست هناك تعليقات :
إرسال تعليق